الصغيران ... لمصطفى صادق الرافعي › نصوص › اللغة العربية › الصف الثالث الثانوى

 الصغيران ... لمصطفى صادق الرافعي  › نصوص  › اللغة العربية › الصف الثالث الثانوى


الصغيران ... لمصطفى صادق الرافعي
النص
( في تلكَ الساعةِ كانَتِ الأرضُ قد عَرِيَتْ إلا من أواخِرِ الناسِ وطوارِقِ الليلِ ، وبقيَّةٍ من يقظةِ النهارِ تحبو في الطريقِ ذاهِبَةً إلى مضاجِعِها ، فبينَما أمُدُّ عينَيَّ وأديرُهُما في مفتَتَحِ الطريقِ ومنقطَعِهِ ؛ إِذِ انتفَضْتُ انتفاضةَ الذُّعْرِ ، ووَثَبَتْ رجَّةُ القلبِ بجسمي كُلِّهِ ، كما تَثِبُ اللسعةُ بمَلْسُوعِها ، ذلكَ حينَ أبصَرْتُ الطفلَيْنِ ) .

(صغيرانِ ضَلاَّ عن أهلِهِما في هذا الليلِ ، يمشيانِ على حَيْدِ الطريقِ في ذلَّةٍ وانكسارٍ ، وتحسَبُ أقدامَهُما منَ البُطْءِ والتخاذُلِ لا تمشِي ، بلْ تتَزَحْزَحُ قليلاً ، فكأنَّهُما واقفانِ ، أكبَرُهُما طفلةٌ تَعُدُّ عُمْرَها على خَمْسِ أصابِعِها ، والآخرُ طفلٌ يبلغُ ثلاثَ سنواتٍ ، ينحدرانِ في أمواجِ الليلِ ، وقد نَزَلَ بهِما منَ الهَمِّ في البحثِ عن بيتِهِما ما ينزلُ مثلُهُ بمَنْ تطوحُ به الأقدارُ إذا رَكِبَ البحرَ المُظلمَ ليكشِفَ عن أرضٍ جديدةٍ ) .

( تتبَيَّنُ الخوفَ في عيونِهِما الصغيرةِ ، وتراهُ يفيضُ منهما على ما حولَهُما ، حتى ليَحْسَبُ كلاهُما أنَّ المنازِلَ عن يمينِهِ وشمالِهِ أطفالٌ مذعورةٌ ، ويتلفَتَّانِ كما تتَلَفَّتُ الشاةُ الضالَّةُ عن قطيعِها ، لا يتحرَّكُ في دَمِها بالغريزةِ إلا خوفُ الذئبِ ، ويتَسَحَّبانِ معًا وراءَ الأشِعَّةِ المنبثقةِ في الطريقِ ؛ كأنَّ أضواءَ المصابيحِ هي طريقُ قلبَيْهِما الصغيرَيْنِ) .

(منقطعانِ في ظلامِ الليلِ ، وليسَ على الأرضِ أهنَأُ من لَيْلِ الطفلِ النائمِ ، فهل يكونُ فيها أشقَى من ليلِ الطفلِ الضائعِ ؟ نامَتْ أحلامُهُما، واستيقَظَتْ أعيُنُهما للحقائقِ المُظلمةِ الفظيعةِ ، وضاعا منَ البيتِ ، ويحسبانِ أنَّ البيتَ هوَ الضَّائعُ منهما ، طفلانِ في وَزْنِ مثقالَيْنِ منَ الإنسانيةِ ، ولكنَّهُما يحملانِ وَزْنَ قناطيرَ منَ الرُّعْبِ) .
(يا مَنْ لا إله إلا هو ، مَنْ سواكَ لهاتينِ النملتَيْنِ في جُنَحِ هذا الليلِ الذي يشبهُ نقطَةً من غضَبِك َ؟ لقَدْ أخرَجْتَهُما في هذا الضَّياعِ مُخْرَجَ أصغَرَ موعظةٍ للعَيْنِ ، تنَبِّهُ أكبَرَ حقيقةٍ في القلبِ ، وعرضْتَ منهما للإنسانيةِ صورةً لو وُفِّقَ مخلوقٌ عبقريٌّ فرَسَمَها جَذَبَ كلَّ أحزانِ النفْسِ ، صورةَ الحُبِّ يمشي متساندًا إلى صَدْرِ الرحمةِ في طريقِ المصادَفةِ المجهولةِ من أوَّلِهِ إلى آخرِهِ ، وعليهما ذُلُّ اليُتْمِ منَ الأهلِ ، ومسكَنَةُ الضَّياعِ بينَ الناسِ ، وظلامُ الطبيعةِ وكآبَتُها) .


( رأيتُ الطفلةَ وقد تنَبَّهَتْ فيها لأخِيها الصغيرِ غريزةُ أمٍّ كاملةٍ ؛ فهي تشُدُّ على يدِهِ بيدَيْها معًا ، وكأنَّها مذُ علِمَتْ أنَّها ضائعَةٌ ، تحاولُ أنْ تطمَئِنَّ أخاها إلى أنَّه معَها ، ولَنْ يضيعَ وهو معَها . فيالرحمة الله . . وقَدْ أسنَدَتْ مَنْكِبَيه إلى صَدْرِها وهي تمشِي ، فلا أدري إِنْ كانَ ذلكَ لتَحْمِلَ عنه بعضَ تعَبِهِ فلا يتساقَطَ ، أو ليكونَ بها أكبَرَ من جسمِهِ الضئيلِ فلا يخافَ ، أو لأنَّها حينَ لَمْ تستطعْ أَنْ تفهِمَه ما في قلبِها بلُغَةِ اللسانِ ؛ أفاضَتْه على جسمِهِ بلُغَةِ اللَّمْسِ، أو لا هذا ولا ذاك ، إنَّما هي تستمِدُّ من رجولتِهِ الصغيرةِ حمايةً لأنوثَتِها بوَحْيِ الطبيعةِ التي رَسَخَتْ فيها ) .

( ولمَّا وَقَفا بإزائِنا كانَ هذا الصغيرُ يقلِّبُ في وجوهِ الناسِ نظراتٍ يتيمةً ترتَدُّ على قلبِهِ آلامًا لا رحمةَ فيها ؛ إِذْ يشهدُ وجوهًا كثيرةً ليسَ لها ذلكَ الشكلُ الإنسانيُّ المحبوبُ الذي لا يعرفُهُ مِنْ كلِّ خَلْقِ اللهِ إلا في اثنَيْنِ : أمِّهِ وأبيهِ . . ولمَّا رأيْتُ الطفلَينِ ضَمَمْتُهما إلَيَّ ، وألهَيْتُهُما عن كآبةِ القلبِ بسرورِ البَطْنِ ، فدَفَنْتُ كلَّ آلامِهِما في بعضِ قِطَعِ الحَلْواءِ ، فطَعِما واستَضْحَكا ، وتطَلَّعا لحياةٍ جديدةٍ آمنةٍ ) .

( وبينَما نحنُ على ذلكَ ، إذِ ارتفَعَ سوادٌ مُقْبِلٌ كأنَّه روحُ ليلةٍ مظلمةٍ تَغْشَى الطريقَ ، فتَبَيَّنْتُ فإذا امرأةٌ تهفو كذاتِ الجناحَيْنِ ، وكأنَّها تَنساقُ بقوَّةٍ تحترقُ في داخِلِها ، ثمَّ أخذَتْنا عيناها ، فإذا هيَ أمُّ الطفلَيْنِ ، تبدو من لهفَتِها، واستَطارَتْها لولدَيْها كأنَّما تحاولُ أنْ تختَطِفَهُما من بعيدٍ بقوَّةِ قلبِها ، وما عرَفْتُ أنها هيَ إلا بأنَّ روحَها كانَتْ منتشرَةً على وَجْهِها ، ملموسَةً في نظراتِها إلى الصغيرينِ ، وكانَتْ لها هيئَةُ أمٍّ وُضِعَتِ الجنةُ تحتَ قدَمَيْها ) .

(وهَلَّ الطفلانِ لمَّا أبصَرا أمَّهُما ، ونَفَضا أيدِيَهُما نَفْضَ الأجنحةِ ، ثمَّ أكَبَّتْ هيَ عليهِما بجِسمِها ومدامِعِها وقُبلاتِها، والْتَحَما بها الْتِحامَ الجُزْءِ بكُلِّهِ، واشتَبَكَتِ الأذرُعُ في الأذرُعِ حتى لا تفَرِّقَ بينَ ثلاثَتِهِمْ في معاني الحُبِّ إلا بالكِبَرِ والصِّغَرِ ، و رَجَعَتْ معَهُما طفلةً ، كأنَّ تاريخَها ابتدأ في ساعةٍ منَ الساعاتِ الفاصِلَةِ ، التي يتحوَّلُ عندَها التاريخُ )




الكاتب :
- مصطفي صادق الرافعي إمام من أئمة الأدب ، وشيخ من شيوخ العربية، و أمير من أمراء البيان. ولد سنة 1298هـ / 1880م في (بهتيم) إحدى قرى محافظة القليوبية من أسرة سورية الأصل، ولم يتم المراحل التعليمية لمرضه ، فثقَّف نفسه بالقراءة، و استقر أكثر حياته في مدينة (طنطا) حيث كان كاتبا في إحدى المحاكم بها حتى توفي سنة1356 هـ / 1937م .
- وله ديوان شعر من ثلاثة أجزاء و كتب نثرية متعددة مثل : إعجاز القرآن – و تاريخ الأدب العربي – و رسائل
الأحزان – و السحاب الأحمر – و حديث القمر – و أوراق الورد – و المساكين . و جمع مقالاته التي نشرتها له مجلة الرسالة في كتابه (وحي القلم) . و ينتمي في النثر والشعر إلى مدرسة المحافظين .
تمهيد :
كان الكاتب عائداً إلى منزله ليلاً فرأى طفلة في الخامسة من عمرها ومعها أخوها في الثالثة من عمره تائهين قد ضلاَّ الطريق إلى منزلهما فشعرا بالرعب لهذا الضياع، وأشفق عليهما الكاتب وقدم لهما بعض قطع الحلوى حتى ظهرت أمهما تبحث عنهما وغمرتهم الفرحة جميعا... وتأثر الكاتب بهذا الحادث فكتب قصة هذين الصغيرين مبيناً مدى المعاناة التي حدثت لهما و لذويهم .  و قد اختار الكاتب عنوان المقالة كلمة واحدة هي (الصغيران) ليوضح حاجة الأطفال الشديدة إلى الرعاية والعطف والاهتمام .و العاطفة  المسيطرة على الكاتب هنا عاطفة الأسى والحزن الشديد و الألم و الإشفاق لحال الصغيرين التائهين الممتزجة في النهاية بعاطفة السعادة و الفرحة لحظة عودة الطفلين إلى أحضان أمهما .


 




الفكرة الأولى
" منظر غير متوقع "
( في تلكَ الساعةِ كانَتِ الأرضُ قد عَرِيَتْ إلا من أواخِرِ الناسِ وطوارِقِ الليلِ ، وبقيَّةٍ من يقظةِ النهارِ تحبو في الطريقِ ذاهِبَةً إلى مضاجِعِها ، فبينَما أمُدُّ عينَيَّ وأديرُهُما في مفتَتَحِ الطريقِ ومنقطَعِهِ ؛ إِذِ انتفَضْتُ انتفاضةَ الذُّعْرِ ، ووَثَبَتْ رجَّةُ القلبِ بجسمي كُلِّهِ ، كما تَثِبُ اللسعةُ بمَلْسُوعِها ، ذلكَ حينَ أبصَرْتُ الطفلَيْنِ ) .

اللغويـات
- عريت: أي خلت xازدحمت                    - أواخر الناس : بقية الناس المتأخرين في العودة         
- يقظة : نشاط وانتباه × نوم             - تحبو : تزحف ، و المقصود تسير ببطء من التعب x تسرع   
 - المضاجع : م مضجع وهو مكان النوم    - مفتتح : أول   - منقطع : نهاية       - الذعر : الفزع xالطمأنينة                             
- الملسوع : الذي لسعته العقرب           - اللسعة : لدغة العقرب وهي مؤلمة.                   - رجة : هزة                                           
- طوارق الليل : الحيوانات الخارجة ليلا من قطط ضالة ونحوها ، م طارق - وثبت : قفزت  xثبتت 
الشرح
مضى جزء من الليل، وقد خلا الطريق من الناس إلا من تضطرهم ظروف أعمالهم أن يعودوا إلى منازلهم متأخرين ، وكانوا يمشون في تعب وبطء، وكذلك كان هناك بعض الحيوانات الضالة ، وكنت أتجول ببصري في الطريق في كل اتجاه إذ سيطر عليّ و هاجمني إحساس بالفزع والرعب عند رؤية الطفلين .
مواطن الجمال والتذوق الأدبى
- [كانت الأرض قد عريت] :استعارة مكنية ، تصور الأرض بشخص يتجرد من ملابسه ،  و سر جمالها التشخيص، و توحي بهدوء الليل .
- [الأرضُ قد عَرِيَتْ إلا من أواخِرِ الناسِ وطوارِقِ الليلِ] : استعارة مكنية ، تصور الناس والحيوانات ببقية الملابس التي تستر الجسد ، و توحي بهدوء الليل.

 - [يقظةِ النهارِ تحبو] : استعارة مكنية ، تصور اليقظة بأطفال تحبو، و توحي ببطء الحركة، و تثاقل الناس .
- [تحبو في الطريق] : كناية عن التعب الشديد .
- [الليل ـ والنهار] ، [مفتتح ـ ومنقطع]:طباق يبرز المعنى و يوضحه بالتضاد ، و يفيد الشمول .
- [أواخر الناس ـ وطوارق الليل ـ وبقية من يقظة النهار] : ازدواج له تأثير موسيقى جميل .
- [أمد عيني وأديرهما] : كناية عن التطلُّع و التأمل في الطريق ، أو عن خلو الطريق من المارة .
- [عيني] : مجاز مرسل عن البصر علاقته : السببية .
- [انتفضت انتفاضة الذعر] :تشبيه لانتفاضته بانتفاضة إنسان مذعور، ويدل على قوة الانفعال والتأثر .
[وثبت رجة القلب بجسمي كله كما تثب اللسعة بملسوعها] : تشبيه تمثيلي حيث شبه حالته حينما انتفض فجأة مذعوراً بحالة من لدغه عقرب ؛ ليدل على شدة الألم المفاجئ الذي أحس به الكاتب عند رؤية الصغيرين، و فيه توضيح وإيحاء برقة شعوره نحو الأطفال .
 - [ذلك حين أبصرت الطفلين] : تأخير الجملة للتشويق . فقد قدم الأثر الذي شعر به (انتفاضة الذعر - رجة القلب) قبل أن يذكر سببه للتشويق .
الفكرة الثانية
" بداية الضياع "
(صغيرانِ ضَلاَّ عن أهلِهِما في هذا الليلِ ، يمشيانِ على حَيْدِ الطريقِ في ذلَّةٍ وانكسارٍ ، وتحسَبُ أقدامَهُما منَ البُطْءِ والتخاذُلِ لا تمشِي ، بلْ تتَزَحْزَحُ قليلاً ، فكأنَّهُما واقفانِ ، أكبَرُهُما طفلةٌ تَعُدُّ عُمْرَها على خَمْسِ أصابِعِها ، والآخرُ طفلٌ يبلغُ ثلاثَ سنواتٍ ، ينحدرانِ في أمواجِ الليلِ ، وقد نَزَلَ بهِما منَ الهَمِّ في البحثِ عن بيتِهِما ما ينزلُ مثلُهُ بمَنْ تطوحُ به الأقدارُ إذا رَكِبَ البحرَ المُظلمَ ليكشِفَ عن أرضٍ جديدةٍ ) .
                                 
اللغويـات
- ضَلا َّ : تاها وضاعا × اهتديا       - تطوح : تلقى ، تقذف         - ذلَّةٍ : مهانة × عزة       - التخاذل : الضعف           
- نزل بهما : أصابهما                        - تحسب : تظن                          - حَيْدُ الطريق : الناتئ منه ج أحياد ،حُيود، حَيْد                                                
- ينحدران :ينزلان  ( ينحطان من أعلى إلى أسفل )                      - الأقدار : م قَدَر ، وهو ما كتبه الله على الإنسان
الشرح
هذان الطفلان تائهان عن أهلهما يمشيان على جانب الطريق في ذلة وانكسار تخالهما من الضعف لا يمشيان ، بل يتزحزحان، فتحسبهما من البطء واقفين ، و هما طفلة في الخامسة من عمرها و طفل في الثالثة من عمره، مندفعان بلا إرادة في ظلمة الليل ، وقد أصابهما من الهم وهما يبحثان عن منزلهما ما يصيب الرحالة الذي ضل طريقه في بحر مظلم .
- والعبارة تدل على الحالة النفسية للطفلين فهما من الخوف يسيران على جانب الطريق ومن الحيرة يسيران ببطء، والهم يسيطر عليهما كأنهما في بحر مظلم. و قد حدد الكاتب عمر الطفلين ؛ ليظهر مدى حاجتهما الشديدة للرعاية و العطف .
مواطن الجمال و التذوق الأدبى
- [صغيران ضلا] : إيجاز بالحذف فقد حذف المبتدأ و تقديره (هذان) للاهتمام بالخبر ؛ لبيان ضرورة الإشفاق عليهما.

 - [وصغيران] : تعبير يدل على حاجتهما للإشفاق و العطف و الرعاية .
- [هذا الليل] : تعريف للتهويل .
-[يمشيان على حيد الطريق في ذلة وانكسار] :صورة واقعية رائعة تبرز حالة الضياع التي يعيشها الصغيران في ذلك الوقت .
- [تحسب أقدامهما من البطء والتخاذل لاتمشي] : كناية عن الحيرة والتردد والاضطراب .

 - [قليلا ] : تؤكد بطء الحركة وتوحي بما في نفسهما من يأس، فلا أمل يحركهما، ولا هدف ينطلقان إليه بل ربما كان إسراعهما سببا في زيادة بعدهما عن الأهل والبيت.
- [فكأنهما واقفان] : كناية عن شدة البطء .
- [طفلة تعد عمرها على خمس أصابعها] :كناية عن صغرها، و قلة خبرتها بالحياة ، والكاتب هنا دقيق في تعبيره عن طبيعة الطفولة.
- [يمشيان ـ وواقفان] ، [طفل ـ طفلة] ، [ينزل ـ ركب] : طباق يبرز المعنى و يوضحه بالتضاد .
- [أمواج الليل] : تشبيه بليغ لليل بالأمواج يدل على تتابع الظلام و رهبته .
- ( ينحدران) : يأخذ النقاد على الكاتب التناقض هنا (ينحدران – و واقفان)، لأن الانحدار اندفاع من أعلى إلى أسفل و هذا يفيد السرعة ، و هذا لا يتناسب مع قول الكاتب (كأنهما واقفان) التي تدل على البطء ، وهذا نقد مقبول . ولكن الكاتب ربما قصد الانحدار إلى الضياع .
- [وقد نزل بهما من الهم في البحث عن بيتهما ما ينزل مثله بمن تطوح به الأقدار إذا ركب البحر المظلم، ليكشف عن أرض جديدة] : تشبيه تمثيلي، يصور حال الصغيرين في بحثهما عن بيتهما بحال الرحالة الذي ألقت به الأقدار في بحر مظلم لا يعرف له شاطئاً فانتابته الهموم الثقيلة لفقد أمله في النجاة وفي العثور على الأرض الجديدة التي يحاول اكتشافها، وهي صورة توحي بالضياع وشدة الهموم .

 - [البحر] :مجاز مرسل عن السفينة علاقته : المحلية .
- [تطوح به الأقدار] : استعارة مكنية ، تصور الأقدار بإنسان يُلقي .
لاحظ العلاقة بين قوله : (ليكشف عن أرض جديدة) و قوله: (في البحث عن بيتهما) فالمقارنة بين التعبيرين توحي بأن عثور الصغيرين على بيتهما أمل ضخم للغاية لا يقل عن اكتشاف الرحالة لأرض جديدة ، كما أن العبارة تعليل لما قبلها.
الفكرة الثالثة
" خوف وفزع "
( تتبَيَّنُ الخوفَ في عيونِهِما الصغيرةِ ، وتراهُ يفيضُ منهما على ما حولَهُما ، حتى ليَحْسَبُ كلاهُما أنَّ المنازِلَ عن يمينِهِ وشمالِهِ أطفالٌ مذعورةٌ ، ويتلفَتَّانِ كما تتَلَفَّتُ الشاةُ الضالَّةُ عن قطيعِها ، لا يتحرَّكُ في دَمِها بالغريزةِ إلا خوفُ الذئبِ ، ويتَسَحَّبانِ معًا وراءَ الأشِعَّةِ المنبثقةِ في الطريقِ ؛ كأنَّ أضواءَ المصابيحِ هي طريقُ قلبَيْهِما الصغيرَيْنِ) .

اللغويـات
- تتبين : ترى، تعرف × تجهل                     - يفيضُ : يزيد × ينضب ، ينقص             - مذعورة : خائفة
- الغريزة : الفطرة ، الطبيعةج غرائز    - يتسحبان : أي يمشيان ويسيران في حذر   - المنبثقة : النابعة المندفعة
- الشاة : الواحدة من الغنم ج شاء وشِياه ، مادتها (شوه)     - القطيع : الجماعة من الغنم ج قُطْعان ـ وقِطَاعِ
الشرح
 ترى الخوف المسيطر عليهما ظاهرا ، فيريان كل ما حولهما مذعوراً مثلهما فالمنازل مذعورة خائفة ، و نظراتهما خائفة مرعوبة كنظرات الشاة الضالة عن قطيعها الفزعة من الذئاب الجائعة التي تحاول افتراسها .. ويتسحبان معا وراء الأشعة المنبثقة في الطريق ، كأن أضواء المصابيح المتعلقان بها هي طريق إلى قلبيهما الصغيرين.
- والعبارة تدل على ما في نفس الطفلين من الخوف والفزع ، فالألفاظ (الخوف - مذعورة- يتلفتان- خوف الذئب- يتسحبان) تبرز الهلع و الخوف الشديد المستحوذ على الصغيرين .
مواطن الجمال و التذوق الأدبى

  - [تتبين الخوف في عيونهما الصغيرة] : استعارة مكنية  تصور الخوف شيئا ماديا يرى وسر جمالها التجسيم.
- [تراه يفيض منهما على ما حولهما] :استعارة مكنية  تصور الخوف ماء يفيض ـ وسر جمالها التجسيم، وتوحي بزيادة الهموم.
- [يفيض] : توحي بكثرة الخوف وشدته واستمراره .
- [تتبين الخوف - تراه يفيض] : العبارة الثانية نتيجة للأولى .
- و لعلك تلاحظ الدقة في اختيار الألفاظ في [تتبين مع الخوف]، و [تراه مع يفيض] لأن الخوف إحساس داخلي يحتاج إلى ظهور و إثبات و معرفة ، و [تراه مع يفيض] ؛ لأن الشيء الذي يفيض يكون واضحاً يمكن رؤيته بسهولة .
- [حتى ليحسب كلاهما أن المنازل عن يمينه وشماله أطفال مذعورة] : تشبيه المنازل بأطفال مذعورة، وسر جماله التشخيص ، و هي صورة جديدة مبتكرة .
-[يمينه ـ وشماله] : طباق يبرز المعنى و يوضحه بالتضاد ، ويفيد الشمول .
- [حتى ليحسب كلاهما أن المنازل .. إلخ] : أسلوب مؤكد بــ (اللام و أن) واستعمال (حتى) يدل على بلوغ الغاية حتى إن الهم عم المنازل .
- [يتلفتان كما تتلفت الشاة الضالة عن قطيعها] : تشبيه تمثيلي لحركتهما بحركة الشاة الخائفة من الذئب وسر جماله التوضيح ، ويوحي بالفزع .
- [لا يتحرك في دمها بالغريزة إلا خوف الذئب] : كناية عن شدة الخوف.
-  [لا يتحرك في دمها بالغريزة إلا خوف الذئب] : أسلوب قصر وسيلته بالنفي والاستثناء يفيد التوكيد والتخصيص.
- [يتسحبان معاً وراء الأشعة] : كناية عن تعلق أملهما بالنور حتى لا يضيعا في الظلام
- [معاً ] : توحي بملازمة كل منهما إلى الآخر .
- [الأشعة المنبثقة في الطريق] :استعارة مكنية  تصور الأشعة مياها منبثقة، وفيها توضيح .
- لاحظ كيف يتعلق الطفلان بالآشعة : لأن الأشعة هي خيط الأمل الذي يوصلهما إلى منزلهما فلو ساد الظلام لضاع أملهما في العثور عليه .
- [كأن أضواء المصابيح هي طريق قلبيهما الصغيرين] : تشبيه لأضواء المصابيح بالطريق، وفيه توضيح وإيحاء بتعلق آمالهما بالأضواء.


الفكرة الرابعة
" إحساس بالضياع "
(منقطعانِ في ظلامِ الليلِ ، وليسَ على الأرضِ أهنَأُ من لَيْلِ الطفلِ النائمِ ، فهل يكونُ فيها أشقَى من ليلِ الطفلِ الضائعِ ؟ نامَتْ أحلامُهُما، واستيقَظَتْ أعيُنُهما للحقائقِ المُظلمةِ الفظيعةِ ، وضاعا منَ البيتِ ، ويحسبانِ أنَّ البيتَ هوَ الضَّائعُ منهما ، طفلانِ في وَزْنِ مثقالَيْنِ منَ الإنسانيةِ ، ولكنَّهُما يحملانِ وَزْنَ قناطيرَ منَ الرُّعْبِ) .

اللغويـات
- منقطعان : منفردان ، تائهان            - أهنأ : أسعد                   - أشقَى : أتعس             - الرعب : الخوف                         - الفظيعة : المخيفة         - مثقالَيْنِ : م مثقال وهو وحدة وزنية قديمة ج مثاقيل ، والمراد شيء قليل
الشرح
و الصغيران يشعران بالضياع ؛ لانقطاعهما و ابتعادهما عن بيتهما في ظلام الليل ، وإذا لم يكن هناك أسعد من ليل الطفل النائم قرير العين ، فليس هناك أشقى و أقسى من ليل الطفل الضائع .. فلقد نامت أحلامهما الصغيرة  (أحلام العودة إلى البيت)، واستيقظت أعينهما للحقائق المظلمة الفظيعة (أنهما تائهان)، وضاعا من البيت ، و يحسبان بطبيعة الطفولة أن البيت هو الضائع منهما. طفلان في وزن مثقالين(للدلالة على الصغر) من الإنسانية، ولكنهما يحملان وزن قناطير مقنطرة من الرعب.
- وقد اختار الكاتب الألفاظ الملائمة لشعور الخوف واليأس المسيطر على الطفلين مثل : (منقطعان - ظلام الليل - أشقى من ليل الطفل الضائع - الحقائق المظلمة الفظيعة- ضاعا - قناطير من الرعب).
مواطن الجمال و التذوق الأدبى
-  [منقطعان في ظلام الليل] : إيجاز بالحذف ، فقد حذف المبتدأ وتقديره (هما) ، وهو أسلوب خبري يوحي بالضياع .
- [ليس على الأرض أهنأ من ليل الطفل النائم ـ  هل يكون فيها أشقى من ليل الطفل الضائع؟] :
 مقابلة توضح المعنى بالتضاد، والمقارنة بين الحالين  ، كما أن بين العبارتين ازدواج يعطي جرساً موسيقياً جميلاً .
-  [فهل يكون فيها أشقى من ليل الطفل الضائع؟] : أسلوب إنشائي / استفهام غرضه : النفي .
- [نامت أحلامهما] : استعارة مكنية فيها تصوير للأحلام بالإنسان النائم ، وسر جمالها التشخيص، وتوحي باليأس .
- [نامت ـ واستيقظت] محسن بديعي / طباق يبرز المعنى و يوضحه بالتضاد .
- [الحقائق المظلمة] : استعارة مكنية تصور الحقائق الضائعة مكانا مظلما. وفيها تجسيم وإيحاء بالوحشة. و هى صورة غامضةفوصف الحقائق بالمظلمة غير واضح ؛ لأن الحقائق بطبيعتها واضحة .
- [البيت هو الضائع] : استعارة مكنية  تصور البيت متاعًا ضائعًا ، وتوحي بسذاجة تفكيرهما . و فيها أسلوب قصر بتعريف الطرفين للتخصيص و التوكيد .
- [طفلان في وزن مثقالين من الإنسانية] : خيال مركب فيه صورتان:  - تشبيه للطفلين بوزن مثقالين للدلالة على الصغر .- و استعارة مكنية فيها تجسيم للإنسانية كأنها شيء مادي يوزن بالمثاقيل .
- [يحملان وزن قناطير من الرعب] :استعارة مكنية فيها تجسيم للرعب كأنه يوزن بالقناطير . وفبها تشبيه للرعب بالقناطير للتوضيح .
- [مثقالين ـ  قناطير] : محسن بديعي/طباق يبرز المعنى و يوضحه بالتضاد .
الفكرة الخامسة
" تأثر الكاتب بمنظر الطفلين "
(يا مَنْ لا إله إلا هو ، مَنْ سواكَ لهاتينِ النملتَيْنِ في جُنَحِ هذا الليلِ الذي يشبهُ نقطَةً من غضَبِك َ؟ لقَدْ أخرَجْتَهُما في هذا الضَّياعِ مُخْرَجَ أصغَرَ موعظةٍ للعَيْنِ ، تنَبِّهُ أكبَرَ حقيقةٍ في القلبِ ، وعرضْتَ منهما للإنسانيةِ صورةً لو وُفِّقَ مخلوقٌ عبقريٌّ فرَسَمَها ؛ لجَذَبَ كلَّ أحزانِ النفْسِ ، صورةَ الحُبِّ يمشي متساندًا إلى صَدْرِ الرحمةِ في طريقِ المصادَفةِ المجهولةِ من أوَّلِهِ إلى آخرِهِ ، وعليهما ذُلُّ اليُتْمِ منَ الأهلِ ، ومسكَنَةُ الضَّياعِ بينَ الناسِ ، وظلامُ الطبيعةِ وكآبَتُها) .

اللغويـات

 - المصادفة :التقابل على غير موعد       - سواك : غيرك                             - النملتين : أي الطفلين              
- مخرج : مصدر ميمي بمعنى إخراج      - موعظة : عبرة ج مواعظ        - متساندا : مستندا ومعتمدا                                   
   - أكبر حقيقة في القلب : أي الرحمة   - عبقري : بارع ، نابغة            - أخرجتهما : أظهرتهما بهذه الصورة             
  - الحب : أي الطفل                                           - الرحمة : أي الطفلة               - مسكنة : ذل                                
- اليتم : الانفراد                                                           - كآبَتُها : حزنها                             – الضياع : الفقدان و الإهمال
- جنح الليل : طائفة من الليل  أو ظلامه واختلاطه .جزء منه
الشرح
يتضرع الكاتب إلى الله مستجيرا به أن ينقذ برحمته  هذين الصغيرين ويرحمهما من الضياع والتخبط في ظلام الليل الذي يشبه في سواده نقطة من غضب الله، فهما موعظة حية توقظ القلوب الرحيمة لمحاولة حماية المشردين، فالصغيران صورة للإنسانية البريئة المتمثلة في طفل يرمز للحب وطفلة ترمز للرحمة وهو يستند إليها ويسيران في طريق المجهول والضياع لا يعرفان المصير وعليهما ملامح الذل والضياع، وحولهما ظلام الليل الموحش وكآبته القاتمة.
مواطن الجمال و التذوق الأدبى
- [يا من لا إله إلا هو] : أسلوب إنشائي / نداء غرضه : الدعاء والتضرع لله ، و يدل على النزعة الدينية عند الكاتب ، كما أن فيه أسلوب قصر يفيد توكيد وتخصيص الألوهية لله سبحانه وتعالى.
-  [من سواك لهاتين النملتين ؟] : أسلوب إنشائي / استفهام غرضه : النفي .
- [النملتين] : استعارة تصريحية شبه الصغيرين بالنملتين ، و سر جمالها التوضيح ، وتوحي بضعفهما و صغرهما الشديد ، و احتياجهما للعطف والرعاية .
- [الليل الذي يشبه نقطة من غضبك] : تشبيه لظلام الليل بنقطة من غضب الله ، و يدل على سواد الليل و وحشته .
- [أخرجتهما مخرج أصغر موعظة للعين] : تشبيه لخروج الطفلين بالموعظة ، و يدل على النزعة الدينية عند الكاتب .

 - [موعظة تنبه أكبر حقيقة في القلب] : استعارتان مكنيتان الأولى تصور الموعظة إنسانا ينبه. والثانية تصور حقيقة الرحمة إنسانا يستيقظ، وسر جمالهما التشخيص .
-  [أصغر - أكبر] : طباق يبرز المعنى و يوضحه بالتضاد ، و يفيد الشمول .
- [جذب لها كل أحزان النفس] : استعارة مكنية فيها تجسيم للأحزان كأنها شىء مادى  ينجذب .
- [صورة الحب يمشى] : استعارة مكنية فيها تشخيص للحب بإنسان .
- [متساندا إلى صدر الرحمة] : استعارة مكنية تصور الرحمة إنسانا له صدر. و فيها تشخيص .
- [الحب] :استعارة تصريحية فيها تصوير للطفل بالحب ، و توحي بالطهر .
- [الرحمة] :استعارة تصريحية فيها تصوير للطفلة بالرحمة . و توحى بالحنان .
- [أوله - آخره] : طباق يبرز المعنى و يوضحه بالتضاد ، و يفيد الشمول .
- [أصغر موعظة للعين ـ وأكبر حقيقة في القلب ـ ذل اليتم من الأهل ـ ومسكنة الضياع، وظلام الطبيعة وكآبتها] : محسن بديعي / ازدواج له جرس موسيقى  .
- ( صورة الحب يمشي متساندا إلى صدر الرحمة في طريق المصادفة المجهولة من أوله إلى آخره) : صورة ممتدة فقد شخص الحب و جعله إنسانا يمشي - ثم استمر في الخيال فجعله متساندا إلى صدر الرحمة - ثم استمر في الخيال ـ أيضا ـ فجعله سائرا في طريق المصادفة المجهولة .
الفكرة السادسة
" أمومة مبكرة "
( رأيتُ الطفلةَ وقد تنَبَّهَتْ فيها لأخِيها الصغيرِ غريزةُ أمٍّ كاملةٍ ؛ فهي تشُدُّ على يدِهِ بيدَيْها معًا ، وكأنَّها مذُ علِمَتْ أنَّها ضائعَةٌ ، تحاولُ أنْ تطمَئِنَّ أخوها إلى أنَّه معَها ، ولَنْ يضيعَ وهو معَها – فيالرحمة الله . . وقَدْ أسنَدَتْ مَنْكِبَه إلى صَدْرِها وهي تمشِي ، فلا أدري إِنْ كانَ ذلكَ لتَحْمِلَ عنه بعضَ تعَبِهِ فلا يتساقَطَ ، أو ليكونَ بها أكبَرَ من جسمِهِ الضئيلِ فلا يخافَ ، أو لأنَّها حينَ لَمْ تستطعْ أَنْ تفهِمَه ما في قلبِها بلُغَةِ اللسانِ ؛ أفاضَتْه على جسمِهِ بلُغَةِ اللَّمْسِ، أو لا هذا ولا ذاك ، إنَّما هي تستمِدُّ من رجولتِهِ الصغيرةِ حمايةً لأنوثَتِها بوَحْيِ الطبيعةِ التي رَسَخَتْ فيها ) .

اللغويات
- مذ : مثل منذ و هى أداة فى محل نصب على الظرفية و الجملة بعدها فى محل جر .
- تنبهت : استيقظت                      - تشد : تمسك            - أدرى : أعرف                               - لا يتساقط : لا يقع
- الضئيل : الصغير ، النحيل × الضخم ج ضئال            - منكبه : كتفه ج مناكب          - رسخت : استقرت
- يا لرحمة الله : أسلوب نداء تعجبي للاستغاثة        - لغة اللسان : الكلام              - لغة اللمس : الحنان  
الشرح
كانت الطفلة تشد و تمسك بيديها على يد أخيها بما فيها من غريزة الأمومة ؛ لتبعث في قلبه الطمأنينة، أو تحمل عنه بعض تعبه، أو لتفهمه بلغة اللمس ما لم تستطع التعبير عنه ، أو لتستمد من رجولته حماية لأنوثتها بوحي الطبيعة و الفطرة . - وهذا يدل على أن الخطر يوحد النفوس و يقوي العلاقة بين الأفراد فاحتماء كل منهما بالآخر قوة لهما .
مواطن الجمال و التذوق الأدبى
- [تنبهت فيها غريزة أم كاملة] :استعارة مكنية تصور الغريزة إنسانا يستيقظ ، وفيها تشخيص.
- [فهي تشد بيدها على يده ] : كناية عن بث الطمأنينة ، والعبارة تفسير و توضيح لما قبلها .
- [كأنها تحاول أن تطمئن أخاها إلى أنه معها] : كناية عن قوة العلاقة بينهما .
- [فيا لرحمة الله] : أسلوب إنشائي / نداء تعجبي ، غرضه : الاستغاثة باللجوء إلى رحمة الله لتشمل هذين الصغيرين، وهذا يدل على نزعة الكاتب الدينية .
- [لتحمل عنه بعض تعبه] : استعارة مكنية  تصور التعب شيئا ماديا يحمل ، و توحي بالمشاركة، والعبارة تعليل لما قبلها .
- [فلا يتساقط] : نتيجة لما قبله .
- [أكبر - الضئيل] : محسن بديعي / طباق يبرز المعنى و يوضحه بالتضاد .
- [فلا أدرى إن كان ذلك لتحمل عنه بعض تعبه فلا يتساقط ـ وليكون بها أكبر من جسمه الضئيل فلا يخاف] : محسن بديعي / ازدواج له جرس موسيقى .
- [فلا يخاف] : نتيجة لما قبله .
- [لغة اللمس] : تشبيه بليغ للمس باللغة، ويوحي بقوة التأثير .
- [الرجولة - أنوثتها] : محسن بديعي / طباق يبرز المعنى و يوضحه بالتضاد
- [إنما هي تستمد من رجولته الصغيرة حماية لأنوثتها] : أسلوب قصر ووسيلته (إنما) للتوكيد وتخصيص الحكم . و استعارة مكنية  تصور الرجولة بملجأ تحتمي به ، وسر جمالها التجسيم ، وتوحي بالأمن .
- [لتحمل عنه... ليكون بها أكبر... لأنها لم تستطع.. إنما هي تستمد] : كل هذه العبارات تعليل لقوله : (أسندت منكبه إلى صدرها) .

اعتمد الكاتب في عرض مقاله على طريقة السرد، فيحدد الزمان وهو أول الليل ، والمكان وهو الطريق، والأشخاص وهم بقايا الناس العائدين إلى منازلهم متأخرين والقطط والحيوان الخارجة ليلا تبحث عن رزقها، وبقية من نشاط الناس في النهار في طريقها إلى الاختفاء . ثم تتوالى الأحداث و التأملات التى تبرز العاطفة الصادقة .

الفكرة السابعة
" أين أبي و أين أمي ؟! "
( ولمَّا وَقَفا بإزائِنا كانَ هذا الصغيرُ يقلِّبُ في وجوهِ الناسِ نظراتٍ يتيمةً ترتَدُّ على قلبِهِ آلامًا لا رحمةَ فيها ؛ إِذْ يشهدُ وجوهًا كثيرةً ليسَ لها ذلكَ الشكلُ الإنسانيُّ المحبوبُ الذي لا يعرفُهُ مِنْ كلِّ خَلْقِ اللهِ إلا في اثنَيْنِ : أمِّهِ وأبيهِ . . ولمَّا رأيْتُ الطفلَينِ ضَمَمْتُهما إلَيَّ ، وألهَيْتُهُما عن كآبةِ القلبِ بسرورِ البَطْنِ ، فدَفَنْتُ كلَّ آلامِهِما في بعضِ قِطَعِ الحَلْواءِ ، فطَعِما واستَضْحَكا ، وتطَلَّعا لحياةٍ جديدةٍ آمنةٍ ) .

اللغويـات
- بإزائنا : بمحاذاتنا ، أمامنا ، مادتها (أزي)       - يقلب : أي يحرك ويدير وينظر             - يتيمة : أي ذليلة
- يشهد : يرى                                                                            - ألهيتهما : شغلتهما ، أنسيتهما           - طعما : أكلاً
 - الحلواء : الحلوى ج حلاوي                                            - البطن : المراد المعدة ، سرور البطن : يكون بالطعام
الشرح
و عندما وقف الطفلان أمامنا، أخذ الطفل يرسل نظرات حزينة مؤلمة في وجوه الجالسين ، فكانت ترجع إلى قلبه آلاما لا رحمة فيها ؛ لأنه لم يشاهد بين وجوه الجالسين ذلك الوجه المحبوب إلى نفسه وهو وجه أبيه أو وجه أمه. . ولكن عندما رأيت الطفلين ضممتهما إلى صدري وعطفت عليهما، وشغلتهما عن أحزانهما حيث قدمت لهما بعض قطع الحلوى فضحكا وأكلا ونسيا أحزانهما وتطلعا لحياة جديدة.
مواطن الجمال و التذوق الأدبى
-  [كان هذا الصغير يقلب في وجوه الناس نظرات] : كناية عن التطلع والحيرة .
- [نظرات يتيمة] : استعارة مكنية  تصور النظرات أطفالا يتامى، وسر جمالها التشخيص ، وتوحي بالذل .
- [ترتد على قلبه آلاما لا رحمة فيها] : استعارة مكنية  تصور النظرات سهاما ترتد على قلبه فتؤلمه بدون رحمة. وسر جمالها التجسيم ، وتوحي بالخيبة والحسرة .
 - [أمه - أبيه] : طباق يبرز المعنى و يوضحه بالتضاد ، ويفيد الشمول ، وأيضاً مراعاة نظير تثير الذهن .

 - [لا يعرفه.. إلا في اثنين: أمه وأبيه] : أسلوب قصر  للتوكيد وتخصيص الحكم .
- [أمه وأبيه] : إطناب (تفصيل بعد إجمال) [اثنين] ؛ للتشويق والتوكيد .
- [ضممتهما إلى] : كناية عن العطف و الحنان.

 - [ألهيتهما عن كآبة القلب بسرور البطن] : كناية عن تقديم الطعام لهما .
- [سرور البطن] : استعارة مكنية  تصور البطن بإنسان مسرور .
- [كآبة القلب ـ وسرور البطن] : محسن بديعي / مقابلة توضح المعنى بالتضاد وبينهما (ازدواج) أيضًا .
- [دفنت كل آلامهما في بعض قطع الحلواء] : استعارة مكنية  تصور الآلام بعد إزالتها أمواتًا تدفن ، وسر جمالها التجسيم. وتوحي بالقضاء عليها . و يعاب على الكاتب أنه جعل الحلوى مكان دفن الآلام ؛ فالحلوى رمز لسعادة الأطفال و الدفن رمز للألم .
 الفكرة الثامنة
" الأمل يعود بظهور الأم "( حفظ )
( وبينَما نحنُ على ذلكَ ، إذِ ارتفَعَ سوادٌ مُقْبِلٌ كأنَّه روحُ ليلةٍ مظلمةٍ تَغْشَى الطريقَ ، فتَبَيَّنْتُ فإذا امرأةٌ تهفو كذاتِ الجناحَيْنِ ، وكأنَّها تَنساقُ بقوَّةٍ تحترقُ في داخِلِها ، ثمَّ أخذَتْنا عيناها ، فإذا هيَ أمُّ الطفلَيْنِ ، تبدو من لهفَتِها، واستَطارَتْها لولدَيْها كأنَّما تحاولُ أنْ تختَطِفَهُما من بعيدٍ بقوَّةِ قلبِها ، وما عرَفْتُ أنها هيَ إلا بأنَّ روحَها كانَتْ منتشرَةً على وَجْهِها ، ملموسَةً في نظراتِها إلى الصغيرينِ ، وكانَتْ لها هيئَةُ أمٍّ وُضِعَتِ الجنةُ تحتَ قدَمَيْها ) .

اللغويـات
- إذ : حرف للمفاجأة                - ارتفع : ظهر                      - سواد : شخص                       - تغشى : تغطى × تكشف                                         - تبينت : تأملت                      - إذا : حرف للمفاجأة         - تهفو : تسرع × تبطئ    - امرأة ج نساء  
- كذات الجناحين : كالحمامة ونحوها من الطيور        - تنساق : تندفع                   - تبدو : تظهر        
- أخذتنا : رأتنا ووقعت علينا    - لهفتها : حرقتها ، حسرتها                                       - استطارتها : فزعها
الشرح
- و بينما نحن نحاول أن ندخل السرور على الطفلين، و نخفف عنهما آلام الشعور بالخوف ، فجأة ظهرت الأم مسرعة كالطائر كأن احتراق قلبها على ولديها يمدها بالطاقة فعرفها الكاتب من نظراتها ولهفتها على صغيريها وحاولت اختطافهما من بعيد بقوة حنانها فحقًا الجنة تحت أقدام الأمهات .
-  تبدو في هذه الفقرة النزعة الدينية عند الكاتب :  (وكانت لها هيئة أم وضعت الجنة تحت قدميها) الكاتب يشير إلى الحديث الشريف الذى يشير إلى أن (الْجَنَّةُ تَحْتَ أَقْدَامِ الأُمَّهَات) جزاًء على ما تبذل الأم من جهد في سبيل الأولاد .
مواطن الجمال و التذوق الأدبى
- [ارتفع سواد مقبل كأنه روح ليلة مظلمة] : تشبيه للأم في خفتها و اندفاعها بروح ليلة مظلمة و هدفه التوضيح. و لكنه تشبيه غامض متكلف . هل وجه الشبه السواد؟ إن السواد هنا ليس لونًا ولكن معناه الشخص. كذلك ما المراد بروح الليلة المظلمة ؟ من هنا جاء الغموض .
- [ليلة مظلمة تغشى] : استعارة مكنية  تصور الليلة بالغطاء الأسود ، وهي توحي بانتشار الظلام .

 - [امرأة تهفو كذات الجناحين] : تشبيه للمرأة في سرعتها بالطائر ، وسـر جمالـه التوضيـح ، و هي توحي باللهفة الكبيرة و شدة الإقبال .
- [ذات الجناحين] : كناية عن موصوف ( الطائر ) .
- [كأنها تنساق بقوة تحترق في داخلها] : كناية عن السرعة و الحماسة .
- [أخذتنا عيناها] : تعبير يوحي بسرعة إدراكها لهم.
- [كأنما تحاول أن تختطفهما من بعيد بقوة قلبها] : كناية عن شدة شوقها إليهما.
- [روحها كانت منتشرة على وجهها ملموسة] : استعارة مكنية  تصور روحها آشعة منتشرة على وجهها و ملموسة في نظراتها. و سر جمالها التجسيم وتوحي بشدة الفرح والسعادة برؤية الطفلين .
- [ما عرفت بأنها هي إلا بأن روحها كانت منتشرة على وجهها] : أسلوب قصر ووسيلتـه النفي (ما) والاستثنـاء (إلا) ؛ للتوكيد والتخصيص .
الفكرة التاسعة
" لقاء وفرحة طاغية "
(وهَلَّ الطفلانِ لمَّا أبصَرا أمَّهُما ، ونَفَضا أيدِيَهُما نَفْضَ الأجنحةِ ، ثمَّ أكَبَّتْ هيَ عليهِما بجِسمِها ومدامِعِها وقُبلاتِها، والْتَحَما بها الْتِحامَ الجُزْءِ بكُلِّهِ، واشتَبَكَتِ الأذرُعُ في الأذرُعِ حتى لا تفَرِّقَ بينَ ثلاثَتِهِمْ في معاني الحُبِّ إلا بالكِبَرِ والصِّغَرِ ، ورَجَعَتْ معَهُما طفلةً ، كأنَّ تاريخَها ابتدأ من جديد في ساعةٍ منَ الساعاتِ الفاصِلَةِ ، التي يتحوَّلُ عندَها التاريخُ ) .

اللغويـات

 - هلَّ : صاح                - نفضا : حركا× سكنا         - أكبت : أقبلت و مالت × أدبرت                             - الفاصلة : الحاسمة    - التحما : التصقا × انفصلا                   
الشرح
لما رآها الطفلان فرحا و فتحا ذراعيهما ، فأقبلت عليهما تقبلهما، والدموع تسيل من عينيها ، وتعانق الجميع واشتبكت الأذرع في الأذرع وجمعت بين الثلاثة محبة لا تستطيع أن تفرق بين ثلاثتهم إلا بالكبر والصغر وكأن الأم في هذه اللحظة  تحولت إلى طفلة صغيرة بدأت حياتها معها في وقت من الأوقات الفاصلة التي يتغير فيها مسار التاريخ.
- و كان تاريخ هذه الأم يبدأ من جديد لأن حياتها مرتبطة بحياة طفليها، فلو ضاعا انتهت حياتها، ولما وجدتهما بدأت حياتها فكأن تاريخها يبدأ من جديد.
مواطن الجمال و التذوق الأدبى
- [هل الطفلان لما أبصرا أمهما] : كناية عن شدة تعلقهما بأمهما .
- [نفضا أيديهما نفض الأجنحة] : تشبيه يدل على السعادة وفيه توضيح وإيحاء بالخفة والنشاط.
- [أكبت هي عليهما بجسمها ومدامعها وقبلاتها] : كناية عن شدة حبها ولهفتها.
- [أكبت هي عليهما بجسمها ومدامعها وقبلاتها] : أسلوب خبري لإظهار الحنان ـ و الجمع بين جسمها و مدامعها و قبلاتها يدل على جيشان عاطفتها التي تمثلت في اندفاعها نحوهما بجسمها، وانهمار دموعها فرحا بلقائهما والتعبير عن حبها لهما بالقبلات.
 - [التحما بها التحام الجزء بكله] : تشبيه يدل على قوة العلاقة بين الأم وطفليها .
- [الجزء - الكل] : محسن بديعي / طباق يبرز المعنى و يوضحه بالتضاد .
- [اشتبكت الأذرع في الأذرع] : كناية عن السعادة وقوة العلاقة .
- [لا تفرق بين ثلاثتهم... إلا بالكبر والصغر] : أسلوب قصر ووسيلتـه النفي (لا) والاستثنـاء (إلا) ؛ للتوكيد وتخصيص الحكم .
- [الكبر ـ الصغر] : محسن بديعي / طباق يبرز المعنى و يوضحه بالتضاد .
- [رجعت معهما طفلة] : تشبيه بليغ للأم بالطفلة يدل على سعادتها وحيويتها.
- [كأن تاريخها بتدأ من جديد] : كناية عن أثر السعادة في حياتهـا كأنها ولدت من جديـد.
- [يتحول عندها التاريخ] : استعارة مكنية تصور التاريخ نهرا يتحول مجراه تبعا للأحداث.

التعليق
- اللون الأدبي : المقال من الأدب الاجتماعي ؛ لأنه يعرض قضية ضياع الأطفال و علاقة الأم بأطفالها .
- المدرسة الأدبية :  ينتمي هذا النص إلى مدرسة المحافظين في النثر الأدبي.   وخصائصها الفنية:
1- الحرص على اللفظ العربي الأصيل.              
2- التأثر بالخيال القديم .
3- التأثر بالثقافة الدينية والتراث القديم.     
4- العناية باللفظ والمعنى مع التحرر من المحسنات المتكلفة.
- المرحلة الأدبية التي يمثلها الكاتب : مرحلة ازدهار النثر فى العصر الحديث و خصائصها :

1- اتساع الأغراض، والعناية بالفكرة .
2- حيوية اللفظ والتحرر من الصنعة .
3-روعة التصوير، و واقعية الموضوع.
-  تحققت في نص الصغيران السمات (الخصائص) العامة للمقال :
(1) التكوين الفني: فقد تمثلت فيه الوحدة المكتملة من ترابط الأفكار وانسجامها.
(2) الإمتاع: بالعرض الشائق الذي يجذب القارئ ويؤثر فيه.
(3) الإقناع: عن طريق سلامة الأفكار ودقتها ووضوحها والصور المؤثرة.
(4) كونه نثرا: فالمقال قالب نثرى وليس شعرا.
(5) الذاتية: إذ تظهر فيه شخصية الأديب وعواطفه.
(6)  وضوح الأسلوب وقوته، وجماله.
- كتب هذا النص بأسلوب أدبي . و خصائصه:
1- انتقاء الألفاظ وهندسة العبارة .    2- ظهور العاطفة قوية في ثناياه.
3- الاستعانة بالصور الخيالية والمحسنات البديعية غير المتكلفة .
- أهم اتجاهات الرافعي في أدبه :


1- الدين والدفاع عن القرآن ورسالة الإسلام كما في كتابه ( إعجاز القرآن).
2- الدفاع عن اللغة العربية والأدب العربي ولذلك ألف كتابه (تاريخ الأدب العربي).
3- التجارب الذاتية والتأملات العاطفية والوجدانية . وهذا يمثله نص الرافعى .


- خصائص الفنية لأسلوب الرافعى :
1- أفكاره يسيرة قريبة التناول .
2- يميل إلى الإطناب ويأتى بالمعنى الواحد فى أكثر من صورة .
3- الاعتماد على التصوير والتشبيهات المبتكرة .
4- استخدام الألفاظ فى مكانها الملائم .
5- النزعة الدينية والحس المرهف .
6- أسلوبه ليس بالمرسل و لا بالمسجوع المقيد بقيود السجع إلا أنه يشوبه بعض الغموض .
7- عباراته سليمة ناصعة الفصحى ويميل إلى الازدواج ( تقطيع الجمل تقطيعا متوازيا ) .
- سمات شخصية الرافعي :
1 - الحس المرهف .                                       2 - القدرة على التعبير .                   3 - سعة الثقافة .                   
4 - الإفادة من الثقافة الدينية.            5 - الاتجاه إلى التجديد .              6 - التأثر بالأحداث .
- يرى بعض النقاد أن هذا النص مقال اجتماعي، و يرى آخر أنه مقال أدبي ويرى فريق ثالث أنه قصة قصيرة. فما وجهة نظر كل فريق ؟ وما رأيك ؟ولماذا؟
جـ :يرى بعضهم أنه مقال اجتماعي لأنه يتناول علاقة الأم بطفليها و يعالج قصة الأطفال الذين يواجهون مشكلة الضياع في زحام المدينة وظلام الليل.
- ويرى بعضهم أنه مقال أدبي ؛ لأنه كتب بأسلوب أدبي وفيه كل خصائصه.
- و الفريق الثالث يرى أنه قصة قصيرة لما فيه من شخوص وأحداث وعقدة وحل وسرد ووصف.
- وأرى أنه مقال أدبي وموضوعه اجتماعي وعرضه الكاتب بأسلوب قصصي شائق من حادث واقعي .
-
من ملامح المحافظة على القديم
من ملامح التجديد
1- التأثر بالخيال القديم فى بعض صوره .
2- التأثر بالثقافة الدينية .
3- الحرص على اللقظ العربى الأصيل .

1 – التحرر من المحسنات المتكلفة .      
2 – الموضوع جديد فهو من الأدب الاجتماعي .
3 – الابتكار في بعض الصور والأخيلة .     
4 – وضع عنوان يدور حوله النص .
 خصائص أسلوب الرافعي الفنية :

س

أسئلة يجيب عنها طالب العلم
( 1 )
(فى تلك الساعة كانت الأرض قد عريت إلا من أواخر الناس، وطوارق الليل، وبقية من يقظة النهار، تحبو فى الطريق ذاهبة إلى مضاجعها، فبينما أمد عينى وأديرهما فى مفتتح الطريق ومنقطعه، إذ انتفضت انتفاضة الذعر، ووثبت رجة القلب بجسمى كله كماتثب اللسعة بملسوعها. ذلك حين أبصرت الطفلين) .
(أ) -  في ضوء فهمك لسياق الفقرة تخيرالصواب ممابين القوسين لما يلي :
- "عريت" مرا د فها: (تخلصت- خلت- نقصت- هدأت)
- " طوا رق" مفردها : (طرقة- طريقة- طارق- طريق).
- " تحبو" مضا دها " : (تغد و- تتوجه- تبعد- تسرع).
ب- هات من الفقرة: صورة بيانية ومحسنًا بديعيًا، مبينا القيمة الفنية لكل منهما.
جـ) -  اكتب من النص ما يدل على فرحة اللقاء بين الأم وطفليها، وتعانقهم جميعا، وتشا بك أذرعهم.
 (د) -  يمكن حصر أدب الرافعى فى اتجاهات ثلاثة، وضح هذه الاتجاهات.
( 2 )
 (صغيرانِ ضَلاَّ عن أهلِهِما في هذا الليلِ ، يمشيانِ على حَيْدِ الطريقِ في ذلَّةٍ وانكسارٍ ، وتحسَبُ أقدامَهُما منَ البُطْءِ والتخاذُلِ لا تمشِي ، بلْ تتَزَحْزَحُ قليلاً ، فكأنَّهُما واقفانِ ، أكبَرُهُما طفلةٌ تَعُدُّ عُمْرَها على خَمْسِ أصابِعِها ، والآخرُ طفلٌ يبلغُ ثلاثَ سنواتٍ ، ينحدرانِ في أمواجِ الليلِ ، وقد نَزَلَ بهِما منَ الهَمِّ في البحثِ عن بيتِهِما ما ينزلُ مثلُهُ بمَنْ تطوحُ به الأقدارُ إذا رَكِبَ البحرَ المُظلمَ ليكشِفَ عن أرضٍ جديدةٍ ) .
(أ) -  فى ضوء فهمك للفقرة اختر مما بين القوسين لما يلى :
- مرادف (تطوح به) : [ تمزقه – تلقيه - تضربه]
- مفرد (الأقدار) : [ قَدْر – قٍدْر – قَدَر ]
(ب) -  عبر الكاتب فى الفقرة السابقة عن الخطر المحدق بالصغيرين . وضح ذلك من خلال مناقشتك لأفكار الفقرة
(ج) -  ينحصر أدب الرافعى فى مجالات ثلاثة . ناقش مبينا أيا منها يمثله نص الصغيران ؟
(د) -  استخرج من الفقرة تشبيها تمثيليا ، مبينا قيمته .


 


( 3 )
تتبينُ الخوفَ في عيونِهِما الصغيرةِ ، وتراهُ يفيضُ منهما على ما حولَهُما ، حتى ليَحْسَبُ كلاهُما أنَّ المنازِلَ عن يمينِهِ وشمالِهِ أطفالٌ مذعورةٌ ، ويتلفَتَّانِ كما تتَلَفَّتُ الشاةُ الضالَّةُ عن قطيعِها ، لا يتحرَّكُ في دَمِها بالغريزةِ إلا خوفُ الذئبِ ، ويتَسَحَّبانِ معًا وراءَ الأشِعَّةِ المنبثقةِ في الطريقِ ؛ كأنَّ أضواءَ المصابيحِ هي طريقُ قلبَيْهِما الصغيرَيْنِ) .
(أ) -  انقل الصواب مما بين القوسين :
- مرادف ( تتبين ) :[ تكشف – ترى – تستوضح – تعرف ]
- مضاد ( يفيض ) :[ يجف – يقل – ينقص – ينخفض ]
- جمع ( قطيع ): [ قطع – أقطعة – قطائع – قطعان ]
(ب) -  أبرز الكاتب الجو النفسى للطفلين …وضح ذلك من خلال صورة وإيحاء لفظين من العبارة.
(ج) -  من أى اتجاهات أدب الرافعى هذا النص ؟ وما مظهر ذلك فى العبارة ؟
(د) -  ماذا ترى من خصائص كتابة الرافعى فى الفقرة ؟
 ( 4 )
( رأيتُ الطفلةَ وقد تنَبَّهَتْ فيها لأخِيها الصغيرِ غريزةُ أمٍّ كاملةٍ ؛ فهي تشُدُّ على يدِهِ بيدَيْها معًا ، وكأنَّها مذُ علِمَتْ أنَّها ضائعَةٌ ، تحاولُ أنْ تطمَئِنَّ أخوها إلى أنَّه معَها ، ولَنْ يضيعَ وهو معَها – فيالرحمة الله . . وقَدْ أسنَدَتْ مَنْكِبَه إلى صَدْرِها وهي تمشِي ، فلا أدري إِنْ كانَ ذلكَ لتَحْمِلَ عنه بعضَ تعَبِهِ فلا يتساقَطَ ، أو ليكونَ بها أكبَرَ من جسمِهِ الضئيلِ فلا يخافَ ، أو لأنَّها حينَ لَمْ تستطعْ أَنْ تفهِمَه ما في قلبِها بلُغَةِ اللسانِ ؛ أفاضَتْه على جسمِهِ بلُغَةِ اللَّمْسِ، أو لا هذا ولا ذاك ، إنَّما هي تستمِدُّ من رجولتِهِ الصغيرةِ حمايةً لأنوثَتِها بوَحْيِ الطبيعةِ التي رَسَخَتْ فيها ) .
( أ ) هات فى جمل من عندك مضاد ( تنبهت ) و جمع ( الطبيعة ) و معنى ( رسخت ) .
( ب ) تميز الرافعى بالابتكار فى صوره و معانيه . وضح ذلك من خلال الفقرة .
( ج ) للرافعى سمات أسلوبية تميزه عن غيره . وضحها من خلال الفقرة .
( د ) إلى أى اتجاهات أدب الرافعى ينتمى هذا النص ؟ دلل على ما تقول .
( هـ ) استخرج : أسلوبا إنشائيا وآخر خبريا وبين قيمة كل منهما .
         لونين من ألوان البيان موضحا رأيك فيهما .            
    حرفا يفيد التخيير و آخر يفيد الظن و ثالث يفيد التحقيق .

( 5 )
(ولمَّا وَقَفا بإزائِنا كانَ هذا الصغيرُ يقلِّبُ في وجوهِ الناسِ نظراتٍ يتيمةً ترتَدُّ على قلبِهِ آلامًا لا رحمةَ فيها ؛ إِذْ يشهدُ وجوهًا كثيرةً ليسَ لها ذلكَ الشكلُ الإنسانيُّ المحبوبُ الذي لا يعرفُهُ مِنْ كلِّ خَلْقِ اللهِ إلا في اثنَيْنِ : أمِّهِ وأبيهِ ) .
( أ ) - تخير الصواب من بين الأقواس:
    - (إذ يشهد وجوها) ( إذ) هنا : (ظرف زمان - حرف تعليل - حرف مفاجأة) .
    - (نظرات يتيمة) صورة نوعها : ( تشبيه - كناية - استعارة).
( ب ) عرف الرافعي بالتفصيل بعد الإجمال ، هات من الفقرة ما يدل على ذلك واذكر قيمته .
 ( جـ) - ما نوع المقال ؟ وما المرحلة التي يمثلها ؟
( د ) - هات من الفقرة:  - استعارة مكنية   - إطناباً و بين نوعه  - أسلوب قصر ، وبين غرضه .
( 6 )
 (يا مَنْ لا إله إلا هو ، مَنْ سواكَ لهاتينِ النملتَيْنِ في جُنَحِ هذا الليلِ الذي يشبهُ نقطَةً من غضَبِك َ؟ لقَدْ أخرَجْتَهُما في هذا الضَّياعِ مُخْرَجَ أصغَرَ موعظةٍ للعَيْنِ ، تنَبِّهُ أكبَرَ حقيقةٍ في القلبِ ، وعرضْتَ منهما للإنسانيةِ صورةً لو وُفِّقَ مخلوقٌ عبقريٌّ فرَسَمَها ؛ لَجَذَبَ كلَّ أحزانِ النفْسِ ، صورةَ الحُبِّ يمشي متساندًا إلى صَدْرِ الرحمةِ في طريقِ المصادَفةِ المجهولةِ من أوَّلِهِ إلى آخرِهِ ، وعليهما ذُلُّ اليُتْمِ منَ الأهلِ ، ومسكَنَةُ الضَّياعِ بينَ الناسِ ، وظلامُ الطبيعةِ وكآبَتُها) .
( أ ) - هات مرادف (سواك ، جنح ، اليتم ، مسكنة) في جمل توضح معناها. (ب) - ما المراد ( بأكبر حقيقة في القلب - وصورة الحب يمشي) ؟
(جـ ) - هات من الفقرة:  - استعارة - أسلوباً إنشائياً - طباقاً  . و بين قيمة كل منها .
( د ) فى الفقرة صورة كلية وضحها . ثم بين أهم الخصائص الفنية لأسلوب الرافعى .
( 7 )
* (وبينما نحن على ذلك إذ ارتفع سواد مقبل كأنه روح ليلة مظلمة تغشي الطريق، فإذا امرأة تهفو كذات الجناحين، وكأنها تنساق بقوة تحترق في داخلها، ثم أخذتنا عيناها فإذا هي أم الطفلين تبدو من لهفتها واستطارتها لولديها كأنما تحاول أن تختطفهما من بعيد بقوة قلبها، وما عرفت أنها هي إلا بأن روحها كانت منتشرة على وجهها، ملموسة في نظراتها إلى الصغيرين، وكانت لها هيئة أم وضعت الجنة تحت قدميها).
(1) -  تخير الصواب من بين الأقواس:
- (إذ ارتفع سواد) (إذ) هنا: ( حرف تعليل - ظرف زمان - حرف للمفاجأة).
- مرادف ( سواد) هنا:         (شخص - لون أسود - شبح غامض).
- (ذات الجناحين) كناية عن : (صفة - موصوف - نسبة).
(2) -  اشرح العبارة مبينًا كيف عرف الكاتب أنها أم الطفلين.
(3) -  عين فيها صورة بلاغية وسر جمالها وأسلوب قصر وفائدته.
(4) -  عرف الرافعي بالغموض أحيانًا ) عين عبارة فيها غموض من هذه الفقرة.
(5) -  تبدو في هذه الفقرة النزعة الدينية عند الكاتب وضح ذلك .
( 8)
 (وهَلَّ الطفلانِ لمَّا أبصَرا أمَّهُما ، ونَفَضا أيدِيَهُما نَفْضَ الأجنحةِ ، ثمَّ أكَبَّتْ هيَ عليهِما بجِسمِها ومدامِعِها وقُبلاتِها، والْتَحَما بها الْتِحامَ الجُزْءِ بكُلِّهِ، واشتَبَكَتِ الأذرُعُ في الأذرُعِ حتى لا تفَرِّقَ بينَ ثلاثَتِهِمْ في معاني الحُبِّ إلا بالكِبَرِ والصِّغَرِ ، ورَجَعَتْ معَهُما طفلةً ، كأنَّ تاريخَها ابتدأُ من جديد في ساعةٍ منَ الساعاتِ الفاصِلَةِ ، التي يتحوَّلُ عندَها التاريخُ ) .
(أ) -  تخير الإجابة الصحيحة : - الجملة التى تعبر عن مرادف ( هلّ) فى الفقرة السابقة :
                                [ هل شهر رمضان – هلت السحاب – هل الجماهير ]
- مضاد كلمة ( التحم ) :[ انفصل – تراجع – تشاجر – تخاصم ]
- الكلمة التى تعبر عن هذه الجملة ( أكبت عليهما بجسمها ):
                               [ أمسكتهما – رفعتهما – احتضنتهما – قبلتهما]
( ب ) -  هات من الفقرة : صورة خيالية ومحسنا بديعيا وبين أثر كل منهما فى المعنى .
 ( ج ) -  تحول الموقف على لسان الكاتب إلى رؤية إنسانية عامة قوامها ( الأمومة والبنوة والبراءة ) .. وضح
(هـ) -  فى ضوء دراستك للنص حدد أهم خصائص كتابة الرافعى من حيث : الأسلوب والتصوير .
( 9 )
( وبينَما نحنُ على ذلكَ ، إذِ ارتفَعَ سوادٌ مُقْبِلٌ كأنَّه روحُ ليلةٍ مظلمةٍ تَغْشَى الطريقَ ، فتَبَيَّنْتُ فإذا امرأةٌ تهفو كذاتِ الجناحَيْنِ ، وكأنَّها تَنساقُ بقوَّةٍ تحترقُ في داخِلِها ، ثمَّ أخذَتْنا عيناها ، فإذا هيَ أمُّ الطفلَيْنِ ، تبدو من لهفَتِها، واستَطارَتْها لولدَيْها كأنَّما تحاولُ أنْ تختَطِفَهُما من بعيدٍ بقوَّةِ قلبِها ، وما عرَفْتُ أنها هيَ إلا بأنَّ روحَها كانَتْ منتشرَةً على وَجْهِها ، ملموسَةً في نظراتِها إلى الصغيرينِ ، وكانَتْ لها هيئَةُ أمٍّ وُضِعَتِ الجنةُ تحتَ قدَمَيْها )
( أ‌ ) -  " تغشى – فتبينت – تهفو " هات اسم الفاعل من الأولى ، ومرادف الثانية ، ومضاد الثالثة فى جملة مفيدة .
(ب‌) -  ما العاطفة التى سيطرت على الكاتب خلال هذه الفقرة ؟ وما أثرها فى تعبيره ؟
(ج) -  عبر عما جاء فى الفقرة بأسلوبك .
(د) -  يمثل الكاتب اتجاها أدبيا سار فى أول العصر الحديث . ما أهم سمات هذا الاتجاه ؟
( 10 )
" وهل الطفلان لما أبصراً أمهما ،ونفضاً أيديهما نفض الأجنحة ، ثم أكبت هى عليهما بجسمها ومدامعها وقبلاتها ، والتحما بها التحام الجزء بكله " .
(أ) - تخير أدق إجابة مما بين الأقواس لما يلى :
- مرادف " هل " : (صاح- أطل – بدا)     -  مفرد " مدامع " : (مدمع- دمعة – دمع)
- مضاد " نفض " : (سكن – وقف – رجع)
 (ب) - في الفقرة صورة ممتدة . بين أجزاء هذه الصورة .
(ج) -  يتميز الرافعى بخصائص في أسلوبه . اذكر ثلاثاً منها .
( 11 )
(منقطعانِ في ظلامِ الليلِ ، وليسَ على الأرضِ أهنَأُ من لَيْلِ الطفلِ النائمِ ، فهل يكونُ فيها أشقَى من ليلِ الطفلِ الضائعِ ، نامَتْ أحلامُهُما، واستيقَظَتْ أعيُنُهما للحقائقِ المُظلمةِ الفظيعةِ ، وضاعا منَ البيتِ ، ويحسبانِ أنَّ البيتَ هوَ الضَّائعُ منهما ، طفلانِ في وَزْنِ مثقالَيْنِ منَ الإنسانيةِ ، ولكنَّهُما يحملانِ وَزْنَ قناطيرَ منَ الرُّعْبِ) .
( أ ) - تخير الإجابة الصحيحة مما بين القوسين لما يلي :                       
    1 - مرادف (منقطعان) : (مفترقان - متعامدان - منقسمان - منفردان)
    2 - (نامت أحلامهما)لون بياني نوعه:(تشبيه - مجاز مرسل - استعارة مكنية  - استعارة تصريحية).
    3 - (فهل يكون فيها أشقى من ..؟) استفهام غرضه : (التعجب - النفي - التعظيم).


 ( ب ) - يتسم أسلوب الرافعي في بعض الأوقات بالغموض . هات مثالاً لذلك من الفقرة .
(جـ) - ما الأحلام التي نامت ؟ وما هي الحقائق التي اكتشفها الطفلان ؟
(د) نقل لنا الكاتب - في الفقرة السابقة - عاطفته باللفظ الموحي و الصورة المعبرة . وضح .


تعليقات